الجيش ينتظر تمويلاً استثنائياً يضعه أمام معركة بناء القدرات

في مرحلة تزنرها المخاطر من كل صوب، يبقى الجيش اللبناني في الواجهة باعتباره الضامن الأساسي للاستقرار وحماية السيادة، الا ان التحديات التي تواجه المؤسسة العسكرية لم تعد خافية على أحد لجهة نقص مزمن في التمويل، وعجز في التجهيزات، وحاجة ملحة إلى تحديث العتاد والقدرات اللوجستية.

وفي هذا السياق، شكل الإعلان عن مساعدات مالية غير مسبوقة من الولايات المتحدة محطة نوعية، إذ تقرر تخصيص 193 مليون دولار للجيش و40 مليون دولار لقوى الأمن الداخلي، ما أعاد فتح النقاش حول الدور المتوقع من هذه الأجهزة في المرحلة المقبلة.

وقال مصدر واسع الاطلاع لـ «الأنباء»: «هذا الدعم لا يقرأ فقط من زاوية مالية، بل يحمل بعدا سياسيا واستراتيجيا يعبر عن ثقة المجتمع الدولي بالمؤسسة العسكرية. وهذه الثقة تأتي مرتبطة بمهام محددة أبرزها تعزيز حصرية السلاح بيد الدولة. كما أن التمويل الجديد يشكل فرصة جديدة ومهمة للجيش لإعادة بناء قدراته، لكنه في الوقت عينه امتحان عسير يتطلب وضوحا في الأولويات وآليات صارمة في التنفيذ».

وأضاف المصدر «التقرير الذي أعدته القيادة العسكرية ورفع إلى واشنطن وعدد من العواصم الشقيقة والصديقة، كان عاملا أساسيا في دفع القرار نحو تقديم هذه المساعدة، لاسيما أن الوثيقة تضمنت خريطة دقيقة لحاجات المؤسسة من الذخائر المتخصصة ومعدات كشف وتفجير الأنفاق ومستودعات الأسلحة، إضافة إلى أنظمة مراقبة متقدمة. والهدف المعلن هو تمكين الجيش من التعامل مع تهديدات غير تقليدية داخلية وحدودية في آن واحد».

لكن المال وحده لا يكفي، بحسب المصدر الذي قال «المساعدات الأميركية ومؤتمر دعم الجيش المقرر عقده في المملكة العربية السعودية، يعكسان رهانات دولية على الجيش كقوة توازن داخلي وإقليمي، لكن هذه الرهانات تعني أيضا مراقبة لصيقة من المجتمع الدولي لمسار التنفيذ، وهذا ما يفرض على الدولة اللبنانية إدارة دقيقة لتداعيات المرحلة سياسيا وأمنيا، خصوصا في بيئات محددة قد تتأثر بمحاولات فرض حصرية السلاح».

وأشار المصدر إلى ان «المساعدات الدولية وتلك المنتظرة، وربما السخية، من المؤتمر الدولي لدعم الجيش، تمثل نافذة ثمينة لإعادة تكوين القدرات العسكرية. لكن مصيرها يبقى مرهونا بقدرة الدولة والجيش على تحويلها من مجرد أرقام مالية إلى استقرار ملموس يعيشه اللبنانيون. والفارق بين النجاح والفشل هنا ليس بحجم التمويل، بل بمدى تحويله إلى مشروع سيادة مستدامة يخفف من اعتماد المؤسسة العسكرية على المساعدات الخارجية، ويكرس حضورها كدعامة فعلية للدولة التي عليها ان تخصص موازنة تمكن الجيش من الاتكال على قدرات ذاتية».

الجيش ينتظر تمويلاً استثنائياً يضعه أمام معركة بناء القدرات .