ثمة انقلاب يأخذ مجراه

ترحيب «حزب الله» بما انتهت إليه «حماس» في غزة، انفصام سياسي ما بعده انفصام. فـ»خطة ترامب»، رغم ما قد تعترضها من إشكالات، جوهرها نزع سلاح «حماس»، وإقصاؤها عن حكم غزة. إنه الفشل الذريع لحرب المساندة ووحدة الساحات. لا يوجد بارقة اتعاظ، بما يوفر التدمير الشامل قبل القبول المذل، إذا صحت نظرية انتقال التصعيد الإسرائيلي إلى لبنان، بعد غزة.

جلسة مجلس الوزراء اليوم، كان يجب أن يتضمن جدول أعمالها، ما هو أبعد من تقرير شهري محوره تفاصيل عسكرية، على أهمية ما قد يرد فيه. ولكن «حزب الله» مصر على فتح المعركة باكرًا مع الدولة، وأصبحت جمعية «رسالات» هي من يتحكم بمسار الجلسة بدلًا من ان تكون موضع المساءلة. «خطة ترامب» في غزة والانتخابات التشريعية في سوريا، حدثان يدلان إلى أننا نسير في لبنان بالاتجاه المعاكس للتهدئة والاستقرار. وبالتالي التعافي الاقتصادي، ومسار استرداد الدولة سيادتها، من خلال حصرية السلاح والانتخابات المقبلة، يوجبان على أهل الحكم استرداد المبادرة بعدما جرنا «حزب الله» إلى «الاستنزاف السياسي» بالتزامن مع «حرب الاستنزاف» المستمرة منذ سنتين. الاستنزاف من علاماته أنه قد يودي بنا إلى انقلاب سياسي ناعم. «جلسة 5 آب»، أبطأت مفاعيلها «جلسة 5 أيلول»، وما يقوم به نبيه بري من عسف تشريعي يمثل خطوة انقلابية أكثر اتضاحًا لمسار لم يكبحه خطاب القسم والبيان الوزاري، وإذا صحت التوقعات بأن جلسة اليوم ستنتهي بغموض غير بناء في عدد من الملفات، فيمكن القول إن الانقلاب أخذ طريق اللاعودة عند «الثنائي الشيعي». والمنطق الانقلابي يعفي أصحابه من المسؤولية الوطنية، فهم يريدون أن تدفع الدولة من جيبها المثقوبة كلفة الإعمار قبل أن يتوقف الدمار. وهم لا يريدون تحمل أوزار أفعالهم ويرفضون أن ينتخب المنتشرون 128 نائبًا، بذريعة أن ناخبيهم يخافون من الاقتراع في دولة «الشيطان الأكبر»، وغيرها من دول الغرب. منطق الوقاحة وصل إلى درجة أن تدفع الدولة اللبنانية من رصيد سيادتها ومواردها، على حساب احتمال مخافة مقترع  من «بيئة الممانعة» في ديترويت. يريدون أن يحوّلوا كل شيعي في أميركا، إلى «جهادي» يناصب العداء للدولة التي يسترزق منها.

وعلى هذا الشيعي أن يرسل الدولارات من أميركا لمحاربة أميركا،. أميركا أن تبارك وتقدم كل التسهيلات لماكينة الثنائي الانتخابية. والفصام وصل إلى اعتبار الشيعي الأميركي الذي انتخب ترامب أكثر وطنية من شيعي آخر يُطعن بوطنيّته لمجرد أنه يتردد على السفارة في عوكر؟ ثم كيف الخلاص من عادة بل القرارات وشرب مائها؟ من المحكمة الدولية المتعلقة باغتيال رفيق الحريري إلى «جلسة 5 آب»، إلى «جمعية رسالات»، يتصرف «حزب الله»، بأنه دويلتان. واحدة خارج الدولة وواحدة داخلها. وكم تبدو كل الملفات التي ننشغل بها يوميًا، بلا جدوى في ظل هذا الانقلاب المتمادي بلا حياء.

بعد الاجتياح الإسرائيلي عام 1982، وبعد الويلات التي عانتها بيروت من الحصار، وفي محاولة لإنقاذها من المزيد من الدمار والدماء، قال محسن ابراهيم رئيس منظمة «العمل الشيوعي» لياسر عرفات «أعطيناكم لبنان عشر سنوات… أعطونا بيروت». لبنان كله اليوم تحت الحصار ومهدد بعودة غارات الدمار، ومن المأساة أن نشعر بأن عرفات أرحم من غيره.

ثمة انقلاب يأخذ مجراه .

بالصورة- شارع بإسم نواف سلام

اقترح أحد القضاة في طرابلس إطلاق اسم “جادة الرئيس نواف سلام” على أحد الشوارع الرئيسية في المدينة، تكريمًا للمكانة الوطنية والدولية التي يمثلها سلام بعد

Read More »