قبل الدستور ونصوصه الحكم هيبة وإذا كانت الضرورات تبيح المحظورات فلا بأس من “فركة دينة” و”فكّ رقبة” و”سحسوح” وعصا على قفا من عصى.
الهيبة تأتي بالولادة مثل لون العينين وشكل الأنف والأذنين والشفتين والذكاء والعناد وسائر الأطباع الشرسة والمهادنة.
الهيبة في السياسة موقف حاسم، حازم، قاطع في وجه كل ما يمس السيادة كموقف وزير خارجية لبنان يوسف رجي من تخرّصات المرشد الأعلى للثورة الخمينية الأخيرة.
الهيبة نقيض الميوعة.
الهيبة في أن يتصدى مسؤول لبناني للسيد محمد باقر قاليباف، القائل قبل أيام في مقابلة تلفزيونية: “إن تزويد حزب الله بالصواريخ ليس مستحيلًا” وأن يُُعاد سفير البيجر إلى بلاده على متن صاروخ إن لزم الأمر.
الهيبة أن تلزم الوسيط الأميركي توم براك، وأي وسيط حدود الوساطة واللياقة وأن تلزم قاليباف الاعتذار عن مثل هذا الكلام:
“لو كنت قائد حزب الله لشننت الحرب على إسرائيل في عمق 100 و200 كيلومتر”.
لو كنت مكان زميله نبيه بري لقلت له بأسلوب الـ “إستيذ”:
Go play in front of your house
الهيبة أن تأخذ الحكومة اللبنانية قرارًا ليُنفذ.
الهيبة تمنع شبيحة ميليشيا “حزب الله” من إفراغ تعميم رئيس الحكومة من محتواه. لا بل مسح الأرض فيه.
الهيبة، إن وجدت، تعيد مواطنًا مثل وفيق صفا، أو ما يعادله صلافة، إلى حجمه الطبيعي.
الهيبة بلا سلاح أقوى من سلاح بلا هيبة.
الهيبة فيها شيء من رجولة جبل شيخ الجبل. بكلمة “منتهية” ينهي المواجهة قبل أن تبدأ. وضايق خلقك منوسعلك ياه! “ياه شو هالدكر” قالت ماتيلد وهي تستذكر فتى الشاشة الوسيم وأقواله الخالدة مثل”رح شوفو تأفهم شو كتالوغو” و”اندحش تحت باط إمك حتى ترضعك”.
هيبة الدولة اللبنانية، إن وُجدت، فهي دائمًا في غير محلّها: تعجرف حيث يتوجب على المتعجرف التواضع. وتهاون مهين حيث يجب على المسؤول الضرب بيد من حديد.
الهيبة عبوس أب متزن في وجه ولد “صايع” وصوت أم يخرق جدار الصوت في حيّ آمن متى دعت الحاجة إلى فرض الانتظام العام في غياب بعلها.
الهيبة أن يفرض دركي واحد النظام في غيتو كامل خارج كليًّا على القانون.
هيبة الدولة اليوم تكاذب، تسويات، سراب، حتى ثبوت العكس. سقطت الدولة الواعدة في امتحانات الدخول كما سقطت في السابق.”أكلوا راسها” منذ نصف قرن ونيّف وهذا ما شهد عليه من مات ومن عاش، فمتى أحفاد “المراحيم” وأولاد الصابرين على الحياة الحلقة سيشاهدون الأولى من مسلسل الهيبة المتأخرة؟