ماذا يعني نفي قاآني لعلم مسبق لنصرالله وهنية بـ”طوفان الأقصى”؟

ليست المرة الأولى التي تجهد فيه إيران بالشراكة مع “حزب الله” لترسيخ فرضية أن من اتخذ  قرار إطلاق عملية “طوفان الأقصى” في 7 تشرين الثاني عام 2023، كان حصراً قيادة الجناح العسكري لحركة “حماس”، أي “كتائب القسام”، وأن القيادة السياسية للحركة والسيد حسن نصر الله وقيادة محور المقاومة لا علم مسبقاً لهم به.

 

وكان سبق للسيد حسن نصر الله أن أعلن في أول إطلالة إعلامية له تلت العملية، بأن لا معرفة مسبقة له بتلك الخطوة، كذلك وردت الإشارة نفسها على لسان أكثر من مسؤول في طهران، ومن بينهم المرشد الإيراني نفسه.
ولكن يبقى لمثل هذا الأمر وقع خاص، وبُعد ينطوي على أبعاد أكبر عندما يأتي أخيراً على لسان قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني إسماعيل قاآني.

هذا الإعلان لم يكن بطبيعة الحال “زلة لسان”، فأن يقال من المكان ذاته وفي هذا التوقيت بالذات معناه أن ثمة “عمارة سياسية” تريد إيران وما تبقّى من محورها، أن ترسخ أسسها وتريد تبنّيها بعدما نزل بالحزب وبيئته من جهة، وبـ”حماس” نفسها وغزة وساكنيها وعموم الفلسطينيين من جهة أخرى، ضربات قاصمة.

وليس خافياً أن ثمة ورشة نقاش انفتحت تلقائياً على مصاريعها في داخل تلك البيئات، وتركزت حول الجهة التي تتحمل المسؤولية عن “تدفيع” المحور بكل أطيافه ثمن هذه الاندفاعة المتهورة الناجمة عن عملية الطوفان، حتى أن بعض المشاركين في تلك الورشة أنزلوا بطل تلك العملية السنوار من مقام البطل إلى محاصرته بشبهة “المغامر” الذي خدم العدو.

فما المراد من أن يقول قاآني كلاماً من هذا النوع في هذا التوقيت بالذات؟
بحسب محللين وخبراء بالعقل الاستراتيجي للمحور الإيراني، أن طهران التي تعلم علم اليقين أن النقاش الدائر في داخل بيئات محور الممانعة، وخصوصاً في لبنان، بات ميالاً إلى ترجيح فرضية من جزءين:

الأول أن عملية طوفان الأقصى كانت من إعداد العقل العسكري لـ”حماس” حصراً، والذي هو عبارة عن جهاز يتمتع باستقلالية كاملة.

الثاني أن السيد نصر الله كان مجبراً على فتح أبواب  “حرب إسناد غزة” بناءً لاعتبارين، الأول أنه كان أول من اعتمد مصطلح “وحدة الساحات” ودافع عنه بشراسة، والثاني أن الأداء العسكري للحزب في مرحلة ما قبل حرب الـ66 يوماً  شاءه نصر الله حرباً محدودة لا تورط لبنان، لكن ما حصل هو العكس.

 

وإذا كانت طهران تريد أن تثبت أنها كانت شريكة في إسناد غزة، ولم تكن شريكة في التخطيط لعملية الطوفان، كما أنها ليست المسؤولة المباشرة عن نتائج تلك الحرب وتداعياتها، فإن ثمة من يخالف بطبيعة الحال تلك الأطروحة وينتقص منها من خلال كلام آخر يسري فحواه أن الجناح العسكري لـ”حماس” كان منذ تسلّم إمرته محمد ضيف، قد ربط نفسه بالقيادة الإيرانية وسلّمها زمام قراره.

ومهما يكن من أمر، فإن ثمة من يجد أيضاً في طيات كلام قاآني في هذا الوقت، نوعاً من التحضير لمرحلة ما بعد انتهاء حرب غزة وما سيتكشّف من نتائج تلك الحرب الضروس

ماذا يعني نفي قاآني لعلم مسبق لنصرالله وهنية بـ”طوفان الأقصى”؟ .