هل التحرّكات الشعبية في النيبال والمغرب يمكن أن تصل إلى لبنان؟

لقد شهدنا أخيراً تحرّكات شعبية واجتماعية في بلدان عدة مثل النيبال، بنغلادش وسريلانكا وحتى المغرب، جرّاء الأزمات والمالية والبطالة الخانقة والأوضاع الإجتماعية الكارثية وعجز الحكومات عن وضع خطط إنقاذية وإعادة هيكلة داخلية… فهل هناك تقارب ونقاط مشتركة بين هذه التجارب وما يَعيشه لبنان اليوم؟ وهل نحن أمام خطر وأزمة ونقمة إجتماعية جديدة؟

إنّ الضغوط الإقتصادية، المالية، النقدية والإجتماعية تزداد يوماً بعد يوم في بلدان عدة، حول العالم، وقد أدّت إلى تحرّكات شعبية، أعمال شغب، وضغوط بين الشعب والدولة، فما هي النقاط المشتركة التي نستطيع أن نرسمها حيال هذه البلدان وما نشهده في لبنان اليوم؟

أولاً: إنّ هذه البلدان شهدت إنهياراً هائلاً في عملتها الوطنية، وانحداراً في المستوى المعيشي وزيادة كلفة العيش، مثل ما نشهد في لبنان منذ 6 سنوات.

ثانياً: إنّ هذه البلدان شهدت شُحّاً في سيولة العملات الصعبة، وقد استولت المافيات على سعر الصرف مثل ما شهدناه في لبنان في السنوات الماضية.

ثالثاً: إنّ هذه البلدان شهدت إنهياراً لقطاعها المصرفي وتراجعاً كبيراً في الإنماء والإستثمارات البنّاءة، والتي أدّت إلى بطالة خانقة وأزمة في التوظيف.

رابعاً: تُواجِه هذه البلدان، مثل لبنان، تضخُّماً مفرطاً، وارتفاعاً هائلاً في السلع الأساسية والمنتجات الحيَوية، ممّا يؤدّي إلى زيادة نسبة الفقر التي أصبحت في لبنان تقارب 80% من الشعب.

خامساً: إنّ هذه البلدان مثل لبنان، تواجه عدم توازن بين التصدير والإستيراد، ممّا يجعلها مرتبطة ومعتمِدة على الإقتصادات الدولية وتدفع ثمن التضخّم الدولي.

إنّ هذه البلدان مثل لبنان، تواجه أزمات سياسية وأيضاً تراجعاً كبيراً في الحَوكمة والشفافية، جرّاء فساد مزمن وانقسامات داخلية، واختلافات عميقة، على الخطط والإستراتيجيات، ولا سيما على الرؤى المستقبلية.

فالتقارب بين هذه البلدان ولبنان واضح جداً، ونحن على حافة الإنهيار الإجتماعي الكبير. فعلينا قرع ناقوس الخطر درءاً لأخطار ضغط الشارع، وإشعال النار بالبارود في هذا الوقت الدقيق، فالشعب يائس ويتعذّب، وبعض الجهات السياسية يُمكن أن تستخدم مرّة أخرى النقمة الشعبية لجرّ لبنان نحو الفوضى من جديد.

فلا شك في أنّ أزمتنا الإجتماعية خطرة ومقلِقة، لذا علينا التركيز على الأعمدة الأساسية لدينا وهي: قوّة الإغتراب، التي حمت لبنان حتى هذه اللحظة، وقطاعنا السياحي بعد الصيف الناجح الذي شهدناه، وقوّة القطاع الخاص الذي لم ولن يستسلم.

إنّ الأزمة الإجتماعية الراهنة هي قنبلة موقوتة، وعلينا نزعها في أسرع وقت ممكن، لأنّ الأرضية جاهزة والنار تغلي تحت الرماد، ومن الممكن أن تُشعل الشارع من جديد في أي وقت لأسباب إجتماعية ظاهرة ومحقة، لكن في الوقت عينه لأهداف وضغوط سياسية مبطّنة.

هل التحرّكات الشعبية في النيبال والمغرب يمكن أن تصل إلى لبنان؟ .