عرض حزب الله المسلح في بيروت وردود الفعل والرسائل الأميركية
تحليل: عرض حزب الله المسلح في بيروت وردود الفعل والرسائل الأميركية
أحمد الحيلة
كاتب ومحلل فلسطيني
13/7/2025 – آخر تحديث: 00:56 (توقيت مكة)
عرض مسلح في “زقاق البلاط” وردود فعل لبنانية
في تطوّر لافت، أثار عرض مسلّح بأسلحة رشاشة في منطقة “زقاق البلاط” القريبة من وسط بيروت لعناصر تابعين لـحزب الله، يوم السبت 5 يوليو/تموز الجاري، ردود فعل لبنانية، لا سيما على لسان رئيس الحكومة نواف سلام، الذي رفض ذلك، داعيًا وزارتي الداخلية والعدل إلى متابعة الأمر وتوقيف الفاعلين وإحالتهم للتحقيق.
توماس بارّاك على الخط
جاءت حادثة العرض المسلح بعد نحو ثمانية أشهر على اتفاق وقف إطلاق النار المُبرم في نوفمبر/تشرين الثاني 2024 بين لبنان/الحزب والاحتلال الإسرائيلي، بموجب القرار الأممي 1701، عقب معركة إسناد غزة التي خاضها حزب الله ضد إسرائيل.
لم تمضِ 24 ساعة على حادثة “زقاق البلاط” حتى خرج الأمين العام لحزب الله، الشيخ نعيم قاسم، يوم الأحد 6 يوليو/تموز، ليقول في كلمة خلال مراسم إحياء عاشوراء في الضاحية الجنوبية لبيروت إن التهديدات الإسرائيلية لن تدفع حزب الله إلى الاستسلام أو ترك السلاح، مؤكّدًا الاستمرار في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، مضيفًا: “نواجه العدو الإسرائيلي دفاعًا عن بلدنا، وسنستمرّ حتى لو اجتمعت الدنيا بأجمعها لثنينا”.
رفع هذا الموقف ورمزية العرض المسلح سقف الحزب بعد فترة من الصمت وعدم الرد على الاعتداءات الإسرائيلية المستمرة.
رسالة المبعوث الأميركي توماس بارّاك
وصلت رسالة من السفير الأميركي في أنقرة، توماس بارّاك، المبعوث الأميركي إلى سوريا ولبنان، إلى حزب الله والدولة اللبنانية، تضمنت مطلب تسليم الحزب سلاحه بالكامل بنهاية العام الجاري كحد أقصى، مقابل انسحاب إسرائيل من النقاط الخمس التي تحتلها في جنوب لبنان، والإفراج عن أموال لإعمار المناطق المتضررة.
تفيد بعض المصادر بأن الرسالة حملت تهديدًا أميركيًا بإعطاء إسرائيل حرية التصرف إذا لم يقم لبنان بنزع سلاح حزب الله، ما يفسر رفع الحزب سقفه السياسي، مؤكداً تمسكه بالسلاح دفاعًا عن لبنان.
في زيارة ثانية لبارّاك إلى بيروت في 7 يوليو/تموز، تسلم ورقة رد الدولة اللبنانية على رسالته الأولى، وأبدى رضاه عنها، داعياً الدولة اللبنانية إلى التعامل مع سلاح حزب الله، مع التأكيد على أن الولايات المتحدة لا ترغب بالتدخل المباشر.
موقف رئيس الحكومة اللبناني
قال رئيس الحكومة نواف سلام بعد لقائه المبعوث الأميركي: “نريد انسحاب إسرائيل من الأراضي اللبنانية المحتلة، ووقف الأعمال العدائية، وإطلاق سراح الأسرى اللبنانيين، حتى تقوم الدولة بتنفيذ حصرية السلاح بيدها وفق اتفاق الطائف الذي أنهى الحرب الأهلية في لبنان”.
يضع تصريح سلام معالجة سلاح حزب الله مقابل التزام إسرائيل بثلاثية: الانسحاب، وقف العدوان، وإطلاق الأسرى.
مناقشات وإدارة الملف
منذ نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أجرت الرئاسة اللبنانية نقاشات متواصلة مع حزب الله حول ملف السلاح. تعاون الحزب مع الحكومة وسمح بعمليات تفتيش على الأسلحة والمواقع جنوب الليطاني، مع التزام الصمت تجاه الانتهاكات الإسرائيلية المستمرة.
على الجانب الآخر، رغم الدعم الأميركي لإسرائيل، فإن الأخيرة لم تعد تقبل باستمرار وقف إطلاق النار وفق القرار 1701، وتسعى لنزع سلاح حزب الله من كامل الأراضي اللبنانية.
عوامل التطور الإسرائيلي والرسائل الإقليمية
- أولًا: توجيه ضربة قوية لإيران: ترى إسرائيل في الضغط على حزب الله فرصة للضغط على إيران، خصوصاً في ظل الحرب على إيران، حيث تعتبر حزب الله ذراعًا إيرانيًا رئيسيًا في المنطقة.
- ثانيًا: الزمن لصالح الحزب: صمت حزب الله وعدم الرد على ضربات إسرائيل لا يعني بالضرورة ضعفًا مستدامًا، بل تكتيك لتجنب حرب جديدة قبل استعادة قوته التنظيمية.
- ثالثًا: إعادة رسم الشرق الأوسط: تسعى الولايات المتحدة وإسرائيل لإعادة تشكيل المنطقة بمواجهة قوى مثل إيران وحزب الله وحماس، مع تعزيز التطبيع العربي الإسرائيلي.
خيارات حزب الله ومحددات الموقف
تتراوح خيارات حزب الله بين:
- الخيار الأول: الاستجابة لموقف الحكومة وتسليم السلاح مقابل انسحاب إسرائيل وبدء إعادة إعمار المناطق المتضررة.
- الخيار الثاني: التساوق شكليًا مع الدولة، وكسب الوقت، مستفيدًا من مماطلة إسرائيل وتناقضات الوضع الداخلي والخارجي.
وتحدد موقف الحزب عوامل منها:
- استراتيجية إيران تجاه حلفائها في المنطقة، وخاصة دعمها لحزب الله.
- جدية التهديدات الأميركية والإسرائيلية، وقدرة الدولة اللبنانية على فرض تنفيذ نزع السلاح.
- قوة حزب الله العسكرية والتنظيمية بعد الضربات التي تلقّاها.
توقعات المشهد والحوارات السياسية
إسرائيل لاعب أساسي في المشهد، ولا يُتوقع أن تكتفي بالدور الذي تلعبه الدولة اللبنانية، خاصة مع دعوات المبعوث الأميركي لالتزام لبنان بالنزع الكامل للسلاح قبل نهاية العام. في المقابل، تسعى الدولة اللبنانية لتجنب النزاعات الداخلية مع حزب الله، مفضلة الحوار والتوافقات السياسية بقيادة الرئيس ميشال عون.
من غير المتوقع أن يرغب حزب الله بتسليم سلاحه، ما يجعل الموضوع رهينة التطورات الإقليمية، وخاصة مستقبل المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة واحتمالات التصعيد الإسرائيلي ضد طهران.