نفّذ الجيش اللبناني، الجمعة، حملةً أمنيةً واسعةً في بعلبك، شرق لبنان، أسفرت عن مقتل أحد كبار المطلوبين بتهم الاتجار بالمخدرات وإطلاق النار باتجاه عناصر الجيش، واستخدمت فيها سلاح الجو والطيران المسيّر.
وتعكس الحملة إصرار المؤسسة العسكرية على فرض سلطة الدولة في واحدة من أعقد الساحات الداخلية وأكثرها حساسية، وتستكمل فيها جهودها لملاحقة المطلوبين بالاتجار بالمخدرات.
وأعلنت قيادة الجيش، في بيان، أنه «نتيجة سلسلة عمليات أمنية لملاحقة مطلوبين خطيرين، نفذت وحدات من الجيش تؤازرها مديرية المخابرات عمليات دهم في بلدة دار الواسعة – بعلبك، بهدف توقيف عدد من المطلوبين، ومنهم مواطن مطلوب بعدة جرائم مثل إطلاق النار على مراكز ودوريات للجيش وقتل عسكريين، وتأليف عصابات للاتجار بالأسلحة والمخدرات، والخطف مقابل فدية مالية، والسلب بقوة السلاح، وإطلاق النار».
وقال الجيش في بيان: «أثناء عمليات الدهم، أقدم المطلوب المذكور مع آخرين على إطلاق النار نحو عناصر الجيش، ما أدى إلى إصابة عدد من العسكريين، فردّوا بالمثل ما أدى إلى مقتله»، لافتاً إلى المتابعة لتوقيف بقية المطلوبين.
وأفادت مصادر محلية بأن القتيل المعروف بـ«السبع»، يعتبر أحد أخطر المتورطين في جرائم خطف وتجارة مخدرات والاعتداءات المسلحة، وهو متهم باستهداف آلية للجيش اللبناني عام 2019 في منطقة رياق أسفرت عن مقتل أربعة جنود وإصابة ضابط. وقالت إن العملية تزامنت مع تحليق طائرة عسكرية فوق جرود السلسلة الغربية لتأمين الغطاء الجوي.
جغرافيا معقدة
وتشكّل بعلبك – الهرمل تحدياً مضاعفاً للأجهزة الأمنية. فمن جهة، تسمح تضاريسها الجبلية والوعرة للمطلوبين بالتواري في الجرود أو استخدام المعابر غير الشرعية للتهريب، وهو ما يفسر استخدام الجيش لسلاح الجو. ومن جهة أخرى، توفر البنية العشائرية المتماسكة مظلة حماية للخارجين عن القانون، ما يُصعّب مهمة الرصد والتعقب ويمنح المطلوبين قدرةً على الصمود في وجه الضربات الأمنية.
ملاحقة المطلوبين
قادت مديرية المخابرات جهوداً دقيقةً في جمع المعلومات وربط الملفات، مكّنتها من كشف أوكار المطلوبين وتحديد مساراتهم بين القرى والجرود. وقالت المصادر المحلية لـ«الشرق الأوسط»، إن هذه الجهود «ساعدت على تفكيك شبكات متشعبة عابرة للمناطق مرتبطة بتهريب المخدرات».
وحققت الحملات الأمنية في الأيام الماضية سلسلة عمليات بارزة، ففي دار الواسعة، تمكنت الوحدات الخميس من توقيف «ح. جعفر» المولود عام 1991، بعد مطاردة طويلة، وهو من أخطر المطلوبين بعشرات المذكرات المرتبطة بجرائم المخدرات والخطف والقتل وإطلاق النار على الجيش.
وفي عملية لاحقة الجمعة، أسفرت المداهمات عن مقتل المطلوب الملقب بـ«السبع»، الذي مثّل اسمه لعقود مرادفاً لشبكات الخطف وتجارة المخدرات في بعلبك – الهرمل.
عمليات سابقة
كانت وحدات الجيش تمكنت في وقت سابق من قتل علي منذر زعيتر، المعروف بـ«أبو سلة»، وعباس سعدون زعيتر، اللذين يُعدّان من أبرز رموز الجريمة المنظمة في شرق لبنان، ما أنهى نفوذهما الواسع الذي طالما أقلق الأهالي والدولة على حد سواء.
أما في جرود الهرمل في شمال شرق البلاد، فقد نفذت الاستخبارات في أغسطس (آب) 2025 عملية نوعية أفضت إلى توقيف مطلوب بارز على صلة مباشرة بقضية مقتل الناشط باسكال سليمان، وهي القضية التي أثارت حينها غضباً واسعاً وشكّلت رأياً عاماً ضاغطاً، لتعود إلى الواجهة مع هذا التوقيف الذي اعتُبر اختراقاً بالغ الأهمية.